قالت بلغني ايها الملك السعيد أن الملك يونان قال لوزيره : أيها الوزير لقد داخلك الحسد من أجل هذا الحكيم فتريد إن أقتله وبعد ذلك أندم كما ندم الملك سندباد على قتل باز. فقال الوزير : وكيف كان ذلك ؟ فقال الملك : ذكر أنه كان ملك من ملوك الفرس كان له باز رباه لا يفارقه ويبيت طول الليل حامله على يده, وإذا طلع إلى الصيد يأخذه معه, وهو عامل له طاسة من الذهب معلقة على رقبته يسقيه منها. فبينما الملك جالس وإذا بالوكيل على طير الصيد يقول: يا ملك الزمان هذا أوان الخروج من الصيد. فاستعد الملك وأخذ الباز على يده وساروا إلى أن وصلوا إلى واد ونصبوا شبكة الصيد , وإذا بغزالة وقعت في تلك الشبكة . فقال الملك: من فاتت العزالة من جهته قتلته, فضيقوا عليها حلقة الصيد. وإذا بالغزالة أقبلت على الملك وشبت على رجليها وحطت يديها على صدره كأنها تقبل الأرض للملك, فطأطأ الملك لها ففرت من فوق دماغه وراحت إلى البر, فالتفت الملك إلى المعسكر فراّهم يتغامزون عليه , فقال: يا وزيري ماذا تقول العساكر؟ فقال: يقولون إنك قلت كل ما فاتت الغزالة من جهته يقتل , فقال الملك : وحياة رأسي لا تبعتها حتى أجيء بها.
ثم طلع الملك في أثر الغزالة ولم يزل وراءها حتى راح الباز يلطشها على عينيها إلى أن أعماها ودوخها, فسحب الملك دبوساً وضربها فقلبها ونزل فذبحها وسلخها. وكانت ساعة حر وكان المكان قفراً لا يوجد فيه ماء , فعطش الملك وعطش الحصان , فالتفت الملك فرأى شجرة ينزل منها ماء مثل السمن , وكان الملك لابساً في كفه جلداً فأخذ الطاسة من رقبة الباز وملأها وظن أن الباز عطشان فوضعها قدامه فلطشها ثانية وقلبها . فغضب الملك : من الباز وأخذ الطاسة وثالثاً وقدمها للحضان فقلبها الباز بجناحه , فقال الملك : خيبك الله يا أشأم الطيور, حرمتني من الشرب وحرمت نفسك وحرمت الحصان, ثم ضرب الباز بالسيف فرمى أجنحته , فصار الباز يقيم راسه ويقول بالأشارة: أنظر الذي فوق الشجرة. فرفع الملك عينه فرأى حية والذي يسيل هو سمها . فندم الملك على قص أجنحة الباز , ثم قام وركب حصانه حتى وصل مكانه الأول, فألقى الغزالة إلى الطباخ ثم جلس على الكرسي والباز على يده , فشهق الباز ومات. فصاح الملك حزناً واسفاه على قتله إياه.
يتبع ...